كيف تعانق المجهول - إتقان فن اللايقين


من الممكن تحقيق السلام - بل وحتى الازدهار - مع المجهول.





متى سينتهي كل هذا؟ هل يمكن أن أفقد وظيفتي؟ هل يمكن أن أموت؟ ماذا أريد فعلاً من هذه الحياة؟ يتساءل الكثير منا عما قد يحمله المستقبل، ولكن حتى الخبراء لا يملكون الأجوبة. لذلك كن مطمئنًا، إذ يتضح أن هنالك فنٌّ لعدم المعرفة - وباستخدام الطريقة الصحيحة، من الممكن ركوب الأمواج دون الغرق، واكتشاف ماهو جديد في الظلام الدامس، واستخدام الأزمات كمحفز للتحول والتغيير. ضع في اعتبارك هذه الأسئلة كجزء من صندوق الأدوات الجديد. فقد حان الوقت الآن للتساؤل عن كل شيء.


ماذا نفعل مع اللايقين؟

أولاً، عليك أن تدرك هذه الريبة في نفسك، كما يقول ستيفن دي سوزا "اشعر باللايقين في جسدك". حاول أيضًا ملاحظة رد فعلك التلقائي عندما تكون على حافة الهاوية: ربما تسرع في البحث عن حلول أو تبدأ في التفكير بشكل كارثي وتستعد للأسوأ. أو هل تُخرج مالديك من جداول وقوائم المهام لتكتسب إحساسًا بالتحكم؟ كونك أكثر وعيًا بسلوكياتك التلقائية يمنحك المزيد من الخيارات". إذا كنت تستطيع التعامل مع الانزعاج من الشك واللايقين، فستجد المزيد من الإبداع، كما يضيف لورانس شورتر: "حاول الاسترخاء في هذه اللحظة دون محاولة إصلاحها. اذهب في نزهة، مارس الخياطة أو كل مايمكن عمله يدويًّا. يساعدك القيام بشيء ملموس وجسدي على ضبط النفس والتخلي عن الهموم والشعور بالإلهام".


هل يمكننا معرفة كل شيء؟

تقول المعالجة النفسية شارلوت فوكس ويبر: "يحاول العقل القلق الوصول إلى الحقائق، ولكن البحث المستمر عن المعرفة يمكن أن ينقلب علينا بالمضرة". حان وقت فصل الجهاز عن مصدر الطاقة والتوقف عن التعلم لوهلة.

يقول دي سوزا مشيرًا إلى مفهوم القدرة السلبية للشاعر الرومانسي جون كيتس: "يتعلق الأمر بالقدرة على العيش مع الغموض والشك، دون الوصول إلى الحقيقة والعقل بعد ذلك. حيث يمكننا إيجاد مساحة لشيءٍ جديد ومختلف بالظهور". ويحذر من الثقة العمياء في الخبراء، الذين غالبًا ما يُخطئون."حافظ على عقلك المبتدئ مُنفتحًا للتساؤل".


هل للتحكم والسيطرة فائدة كبيرة؟

وعدت فوكس ويبر بأن "الاستسلام للخروج عن السيطرة سيجلب الهدوء، لكنه يتطلب تحولًا ذهنيًا ومعرفيًا". إن العثور على القبول في ذلك يتعلق "بإخبار نفسك أن الأمر ليس دائمًا تحت سيطرتك، مرارًا وتكرارًا حتى تصدقه". يقول الفيلسوف جوليان باجيني: "تقبل ما لا تستطيع تغييره، وغيّر ما تستطيع. فإن الحكمة تكمن في معرفة الفرق بين الاثنين." ويوصي باجيني أيضًا بممارسة يومية لمبدأ "أن السيء قابل للحدوث. إن ذلك يساعد على تقليل الاعتقاد بأن العالم سوف يتوافق مع توقعاتنا." يجب أن نقبل أن الحياة تدور حول التغيير والتدفق المستمر وعدم الثبات، ويضيف: "تذوق الخير بامتنان وتحمل السيء، واعلم أن كلاهما لن يدوم."



ماذا نفعل بكل تلك الأسئلة التي لا جواب لها؟

هذه الأسئلة هي في الواقع هدية ذات قيمة عالية، كما يقول دي سوزا: "طريقة قوية للكشف عن فرص جديدة والاستفادة من حكمتك الخاصة". كيف؟ قد تسأل. يوضح هنا أن الفكرة ليست محاولة البحث عن أجوبة، بل التعايش مع الأسئلة وخلق مساحة للاستفسار والتساؤل والتأمل، و"ستظهر الإجابة بشكل طبيعي". بصراحة، مثل هذا الاستبطان طال انتظاره، كما تقول روبي واكس: "كان الكثير منا يعيش حياة شخص آخر لأنها بدت كحياة مألوفة وشائعة جدًا بين الناس، لكنها جعلت الكثير من الأشخاص يشعرون بالوحدة." وتضيف، مع عدد أقل من مصادر التشتيت، فإننا ندرك أن "الإجابات ليست في المكان الذي اعتقدنا أنها كانت فيه".

بالنسبة للفيلسوف رومان كرزناريك، فإن أفضل طريقة للإجابة على هذه الأسئلة هي في الحديث ومشاركة مانشعر به: "هناك شيء قوي حقًا في قول أشياء لم تقلها من قبل. نحن حيوانات اجتماعية - هكذا نتعامل مع اللايقين، من خلال مشاركة مخاوفنا وشكوكنا وآلامنا". وكما قال شكسبير: "ضع حزنك في الكلمات. إن الحزن الذي تحتفظ به في داخلك سيهمس في قلبك حتى ينكسر."


هل من الممكن أن نزدهر في المجهول؟

تقول واكس: "أن تزدهر في المجهول - هذا هو التنوير. وهذه هي تذكرتنا الذهبية!. ولكن لا يمكنك تحقيق ذلك من خلال المشي أثناء النوم". أداة واكس الرئيسية هي اليقظة الذهنية أو الحضور الذهني، "وهي ليست للجميع، ولكن على الأقل يمكنني إزالة كل المشتتات بين الحين والآخر والتركيز فقط على اللحظة". ينصح كرزناريك أيضًا أن يكون لديك هدف أكبر منك: "وهذا هو مفتاح النمو - يمكن أن يكون أي شيء من رعاية أطفالك إلى إيجاد علاج للسرطان. إنه ما يخرجك من السرير كل يوم لأن هذا ما يعطي الناس معنًى لحياتهم". ثم تحتاج فقط إلى التوقف مؤقتًا: "نحتاج بوعي كامل إلى خلق مساحة ذهنية لتحويل الإحباط إلى فرصة" كما يقول فوكس ويبر: "حتى خمس دقائق من الصمت كل يوم تساعد في مواجهة اللايقين. فإن الأشياء الغنية تأتي من الفحص الدقيق والصبر على الغموض".


هل هناك من يملك الأجوبة؟

يقول شورتر: "تخلَّ عن هذه الفكرة. فإن هذا صعبٌ للغاية بالنسبة لمعظمنا، لأن معرفة أنه لا أحد يعرف ما سيحدث أمر مخيف للغاية. تقع على عاتقنا جميعًا مسؤولية أن نكون على ما يرام مع اللايقين. وكلما كنا جميعًا على ما يرام، كان ذلك أفضل". والأسوأ من ذلك هو التظاهر بأنك تعرف: "ثم تصادف أنك كاذب ومتغطرس. عملائي المدربين الذين يتلقون ملاحظات بأنهم متعجرفون يخافون حقًا من الظهور على أنهم غير متأكدين. هذا خطأ!  سيحبك الناس لذلك!".


هل راجعت امتيازاتك؟

تقول واكس:"كُن ممتنًا بما لديك، أنت محظوظ بما يكفي لاتخاذ هذه القرارات المتاحة لديك." في الواقع يقول كرزناريك: "أقدم خدعة فلسفية في الكتاب هي إدراك أن ألمك قد يصبح أسوأ بكثير." إذا اعتقدنا أننا تعرضنا لضربة شديدة، فقد يكون ذلك بسبب أننا لم نتعرض لهجوم من قبل." تقول واكس: "بعض الأشخاص الذين يتأقلمون بشكل أفضل هم أولئك الذين قد عانوا من مرضٍ نفسي من قبل. فقد عاشوا في خوفٍ عندما لا يوجد ما يدعو للخوف، كان عليهم أن يُبحروا في الحياة عندما لم تكن وردية. إنه كما لو تعرض قلبك للكسر بشكل متكرر، فلن يؤلم ذلك كثيرًا في المرة الثامنة ".



هل تصالحت مع حتمية موتك؟

يقول كرزناريك: "في النهاية، السؤال الكبير الذي يتصارع معه جميع البشر، بوعي أو بغير وعي، يتعلق بالموت". ويشير إلى أننا نقضي الكثير من حياتنا في محاولة حماية وإلهاء أنفسنا عن هذا الخوف، ولكن من خلال التصالح مع موتك، فإنك تتصالح مع اللايقين المطلق، ويمكنك بعد ذلك "التعامل مع كل أشكال اللايقين". الحل الذي قدمه هو أن يكون لديه لحظة يومية مع "نرد الموت" وهو العيش كما لو كان لديك ستة أشهر متبقية، فإن توقفات الموت هذه هي التي توقظك وتجعلك تشعر بالحياة من جديد".


المصدر

تعليقات

  1. مقال عظيم وأسلوب سلسل ، التساؤلات المطروحة دسمة والحلول مريحة نفسياً ولكن تطبيقها يحتاج وعي يُكتسب بالممارسة
    سعيدة بالعثور على تدوينتك الملهمة 😊
    بارك الله فيك 💚

    ردحذف

إرسال تعليق