كيف تجد يقظتك الذهنية؟
مانحتاج لمعرفته
اليقظة الذهنية أو الحضور الذهني - أو في ترجمة اخرى "الإيعاء"- في أبسط أشكالها هي قدرتنا الفطرية على إدراك تجربتنا أثناء حدوثها. في أي لحظة، تتم معالجة ما نحضره من قِبل عقولنا لصناعة واقعنا: حيث نضع اهتمامنا في تشكيل تصورنا لعالمنا. عندما نكون يقظين، فإننا نوجه هذا الانتباه إلى اللحظة الحالية.
ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك. اليقظة لا تتعلق فقط بما ندركه، ولكن أيضًا في كيفية ما ندركه. اليقظة الذهنية الحقيقية تتضمن الانتباه إلى اللحظة الحالية بلطف ودفء واهتمام. من خلال الاهتمام اللطيف بالمكان الذي يتم فيه تركيز انتباهنا، نحصل على فهم أفضل لتجربتنا الفعلية، بدلاً من أن نفكر ما يجب أو ما يمكن أن يكون. يوصف هذا الاهتمام المنفتح في اللحظة الحالية بأنه "المعرفة البسيطة".
تدعم الدراسات البحثية أنه يمكن أن تقلل اليقظة من المعاناة أو الضيق الناجم عن، على سبيل المثال، الألم والسرطان والاكتئاب هذا لأنه في مواجهة الصعوبات، فإن اليقظة الذهنية تفتح المساحة لردة فعل مدروسة بدلاً من الاندفاعية التلقائية. يمكننا من خلالها اكتشاف إعداد "الطيار الآلي" الخاص بعقولنا قبل أن يؤدي إلى رد فعل متسرع أو يغذي دائرة من الأفكار غير المفيدة.
لا يتعلق الأمر فقط بالمشاعر السلبية: عندما تواجه لحظات من السعادة أو الفرح، يمكن أن تساعدك اليقظة على تذوق تلك التجربة بدلاً من تجاوزها بخفة. إذا كان بإمكانك تخفيف القوة القهرية للتفكير، فلا داعي للتفكير الضال في كيفية التمسك بالسعادة أو جعلها تدوم لفترة أطول. يمكنك الاستمتاع باللحظة فور حدوثها.
ممارسة اليقظة هي أكثر من مجرد الجلوس أو عملية إبطاء لأفعالنا وسلوكياتنا. لا يجب أن يكون الاختيار بين التأمل لمدة ساعة كل يوم أو عدم ممارسة اليقظة على الإطلاق؛ حجم واحد لا يناسب الجميع. إن معرفة أسباب رغبتنا في ممارسة اليقظة الذهنية ستوجهك نحو ما يناسبك.
ماذا نفعل
الممارسة غير الرسمية
ابدأ يومك بحضور. قبل أن تنام في الليل، حدد النية بأن تكون على وعي بتجربتك بمجرد أن تفتح عينيك في الصباح، قبل أن تترك راحة سريرك. قد تشعر بملامسة أغطية السرير لجلدك ، أو قد تلاحظ روائح أو أصواتًا. تحقق مما يشعر به جسمك (هل هو منتعش أم متعب؟) وماذا يدور في ذهنك (هل تشعر بالنشاط أو بالخمول؟)
قد تلاحظ أن عقلك انطلق مباشرة في التفكير والتخطيط مقدمًا لليوم. جرب التوقف وحاول ضبط ارتفاع وانخفاض صدرك أو بطنك أثناء التنفس. ما عليك سوى الشعور بالأحاسيس المباشرة لجسمك: التمدد والتقلص، وحركة الهواء. قد تكتشف شيئًا جديدًا عن أنفاسك أو جسدك أو عقلك أثناء قيامك بذلك. قد تجد أن يومك يتطور بشكل مختلف إذا بدأت يومك بهذه الطريقة - تعامل مع اليوم كتجربة، وانظر ماذا يمكن أن تكتشف.
انتبه إلى المهام اليومية. يمكنك أن تكون فضوليًا بشأن كل الأشياء التي تفعلها خلال اليوم، مع الانتباه باهتمام لطيف. يمكنك أن تشعر بنعومة ملابسك على بشرتك عندما ترتديها، أو تشعر برغوة معجون الأسنان وأنت تغسل أسنانك. يمكنك التوقف لتتعرف على شكل وجبة الإفطار الخاصة بك وتذوق النكهة قبل تناولها. أثناء تناول الطعام، جرب شم وتذوق طعامك وتلذذ به بشكل كامل. يمكنك التعرف على أحاسيسك الجسدية، وأفكارك وحالتك المزاجية كلما تغيرت على مدار اليوم.
استخدم الإشارات كتذكير. غالبًا ما يكون أصعب جزء في اليقظة الذهنية هو تذكر تجربة الأشياء بعينٍ جديدة. قد يكون من المفيد تجديد نيتك وعزمك كثيرًا، ربما يمكن "تحميل" التذكيرات الخاصة بك بالأنشطة العادية، على سبيل المثال، في كل مرة يصل فيها إشعار إلى هاتفك، أو في كل مرة تغسل فيها يديك. أو عندما تتوقف مؤقتًا من حين لآخر أثناء النهار. بحذر شديد، لاحظ أشعة الشمس على بشرتك، أو اشعر بالطريقة التي تتشنج بها كتفيك، أو تذوق طعم قهوتك - يمكن أن تكون جميع هذه اللحظات من اليقظة الذهنية.
كن مستعدًا لبعض الصعوبة. في بعض الأحيان، قد لا يعجبك ما تلاحظه. هذا ليس خطأ ولكن هذه هي حقيقة حياتنا. لا تؤدي اليقظة إلى زيادة الأفكار والمشاعر المرهقة أو الألم الجسدي، ولكن قد تلاحظ بعض الضيق عندما تصبح أكثر انتباهاً لتجربتك. إذا حدث هذا، فمن المفيد إضفاء القليل من الخفة والفكاهة عند المحاولة مرة أخرى. إذا أصبح الأمر مرهقًا، فيمكنك دائمًا اختيار الابتعاد أو إيقاف الممارسة، وربما العودة عندما تشعر بمزيد من المرونة. مع مرور الوقت، يمكنك أن تفهم أن هذه التجارب طبيعية تمامًا ولا يجب الخوف منها. يمكنك البدء عن قصد في اختيار ما تفعله وما لا تريد أن تحضره.
تمنحك هذه الممارسات غير الرسمية الفرصة لممارسة اليقظة الذهنية بطريقة معينة دون العبء المتمثل في "إيجاد الوقت ليكون يقظًا". اليقظة ليست مرهقة أو روحانية. الذهاب في نزهة على الأقدام أو التواجد مع الأصدقاء أو العائلة أو تناول وجبة أو الاستحمام كلها سلوكيات يمكن أن تصبح ممارسات لليقظة الذهنية إذا تذكرت القيام بذلك، وهو ما يمثل في هذه الحالة:
- توجيه نيّتك وعزمك لتركيز الانتباه.
- مراقبة تجربتك.
- التحقق من استجاباتك وردود أفعالك.
- المحاولة مرة أخرى (كرر كثيرًا).
لا تصارع أفكارك. قد تجد عقلك مشتتًا أو يتسابق مع الأفكار حول الماضي أو المستقبل؛ قد يكون ندمًا أو قلقًا أو حلمًا. إذا حدث ذلك، فحاول ببساطة ملاحظة الأفكار كأفكار، دون إضافة أي شيء إليها. على الرغم من المفاهيم الخاطئة الشائعة، ليست هناك حاجة لمقاومة الملهيات. بدلًا من ذلك، حاول أن تريح انتباهك على تجربتك اللحظية، وترك الأفكار تأتي وتذهب دون مطاردتها أو دفعها بعيدًا.
راقب ما يحدث أيضًا. قد تلاحظ أن الأفكار ليست سوى جزء من تجربتك. ربما قد تكون أيضًا على وعي بمزاجك - قد يكون قلقًا أو حزينًا أو سعيدًا أو أي شيء آخر. راقب تلك المشاعر، ثم انقل الانتباه مرة أخرى إلى كامل الجسد وكن على وعي بأي أحاسيس جسدية. ربما تشعر بأكتاف متوترة أو فك ضيق أو ابتسامة تلعب على شفتيك؟ هذه الأحاسيس هي أيضًا جزء من تجربتك المباشرة. خذ بضع دقائق لاستكشافها بالكامل.
النقاط الرئيسية
- اليقظة الذهنية أو "الإيعاء" هي القدرة البشرية الفطرية على الانتباه إلى اللحظة الحالية بالدفء واللطف والاهتمام الرقيق.
- تتضمن ممارسة اليقظة الذهنية أن تكون مهتمًا بتجربتك، بغض النظر عما يظهر. التنفس والأحاسيس الجسدية والأصوات والأفكار والمشتتات كلها عوامل مهمة.
- تتضمن ممارسة اليقظة غير الرسمية التعامل مع الأنشطة اليومية بطريقة معينة. بغض النظر عما تفعله، يمكنك اختيار الانتباه؛ مراقبة تجربتك المباشرة وأحاسيسك الجسدية؛ وتحقق من أفكارك ومزاجك وردود أفعالك.
- تتضمن الممارسة الرسمية، مثل جلسة التأمل مع التركيز على التنفس، تخصيص وقت للانتباه للتجربة بطريقة أكثر تنظيماً. اقضِ الوقت في تركيز انتباهك على الأحاسيس الجسدية ولاحظ الأفكار والحالة المزاجية. ثم انقل انتباهك إلى الأحاسيس الجسدية للتنفس لبضع لحظات. أخيرًا، قم بتوسيع الوعي لملاحظة أحاسيس الجسم والأفكار والحالات المزاجية الموجودة الآن قبل الاستجابة لكل ما يأتي بعد يومك.
- تذكر أن تمارس تمارين اليقظة بشكل رسمي أو غير رسمي بانتظام - عدة مرات في الأسبوع، أو حتى كل يوم، إن أمكن.
للفائدة: كتاب اليقظة الذهنية: دليلك خطوة بخطوة نحو حياة أكثر سعادة. ترجمة: د. سامي العرجان، أ. فاطمة الشيخي. https://www.daralfiker.com/node/7880
تعليقات
إرسال تعليق