الشخص صاحب التشخيص
في فجر وبداية الطب كما نعرفه، أبدى أبقراط الملاحظة التالية: "من المهم معرفة نوع الشخص المصاب بالمرض أكثر من معرفة نوع المرض الذي يعاني منه الشخص." في عصر علم الوراثة، والفهم المتطور للمسارات العصبية، وقدرات التصوير غير العادية، والتحليل التفصيلي لأنظمة الناقلات العصبية، والتحفيز العميق للدماغ، فقد ابتعدنا إلى حد ما عن النقطة التي حاول أبقراط توضيحها. إن المنظور الديناميكي النفسي هو أكثر قيمةً في الوقت الحالي من أي وقت مضى. في الواقع، إن جوهر الديناميكية النفسية أو التحليل النفسي في الطب النفسي هو النظر إلى كل فرد على أنه شخص يتمتع بسمات فردية للغاية، بل وحتى خاصة ومميزة. إن هذا المبدأ الأساسي لممارسة الطب النفسي الجيد، وحتى الممارسة الطبية الجيدة، قد يُحجب من خلال تقدمنا في العديد من مجالات "العلوم الصعبة" في تخصصنا.
من الممكن أن يكون تحديد ما نعنيه بكلمة "الشخص" تحديًا صعبًا للغاية. قد تكون نقطة البداية هي الذات، ولكن للأسف، فإن تعريف الذات ليس أسهل من تعريف الشخص، ومعظمهم يوافقون على أن الذات ليست سوى جانب من جوانب الشخص.
في البداية، الذات هي موضوع وأداة في ذات الوقت. حين أقول "أفكر في نفسي" (I think of myself) فإنني ألتقط هذه الوظيفة المزدوجة - يشير النصف الأول من الجملة إلى الظاهرة "I" أو "أنا" الفلسفية، بينما يشير النصف الأخير من الجملة إلى الذات (Self) على أنها تمثيلية أو تصوّر. يتم تعريف الذات أيضًا على أنها مجموع الذكريات الشخصية والشخصيات الاجتماعية المرتبطة بها، ولكننا جميعًا على دراية تامة بانتقائية الذاكرة.
للتوضيح بشكل أكبر، جزء من الذات واعي والجزء الآخر من الذات فاقدٌ للوعي. ونحن جميعنا خبراء في تضليل وخداع أنفسنا، ونحاول تجنب الإدراك الواعي الكامل لجميع جوانب أنفسنا. باختصار، نختبئ من أنفسنا.
من الخصائص الأخرى للذات هي أن لها جوانب متعددة تظهر بناءً على من نظهر أمامهم، الحالة المزاجية، تجارب المرء في الساعات القليلة الماضية، وتوقع المرء لما هو على وشك القيام به. نرى بشكل مستمر في سياق العلاج النفسي أنه عندما يتعلم المرء الجوانب المتعددة للذات، فإنه يبدأ بالفعل في تجربة نفسه كفرد أكثر تماسكًا.
تطوير وتنمية الذات، بالطبع، غارق في الثقافة. وبالتالي، فإن أي ذكر لتعريف الذات يجب أن يشمل تأثير الثقافة التي تشكل الذات.
في بعض الثقافات الآسيوية، على سبيل المثال، يتم إنشاء الذات المترابطة من خلال التربية التي تركز على السياق الاجتماعي. ومن ثم، فإن الشخص لا يتمحور حول تجربة الذات بالطريقة التي تركز عليها العديد من الثقافات الغربية.
النفس أو الذات ليست مثل الشخص، وذلك لأنها تترك الطريقة التي يرانا بها الآخرون. نحن نعيش في جدلية بين الذات كما يختبرها الشخص مقابل الذات التي يلاحظها الآخرون. كلًا من وجهات النظر لديها بعض الصدق. عندما نرى أنفسنا على شريط فيديو، فإننا نفر بشكل عام بسبب ما نراه ونسمعه. قد نعتقد أننا لا نبدو كما نرى في الفيديو وأن صوتنا لا يبدو بالطريقة التي يبدو عليها عادةً. يختلف الآخرون بينما نشمئز في رعب.
الاستنتاج الحتمي من هذه التجارب هو أننا لا نرى أنفسنا كما يرانا الآخرين مهما حاولنا جاهدين. ومع ذلك، لا يستطيع الآخرون دائمًا رؤية ما نشعر به في الداخل لأن لديهم منظورًا خارجيًا. لذا فإن معرفة من هو الشخص يتطلب دمج المنظور الداخلي للمريض والمنظور الخارجي للطبيب. يتأرجح العلاج النفسي الجيد بين التناغم العاطفي مع ما يوجد في العالم الداخلي للمريض ورؤية أكثر موضوعية لكيفية تعامل المريض مع الآخرين.
في هذه النظرة العامة الموجزة عن هذا المفهوم، يمكننا أن نستنتج أن هناك عوامل محددة لـ"الشخص":
(1) التجربة الذاتية لنفس الشخص بناءً على السرد التاريخي الفريد الذي يتم تصفيته من خلال عدسة معنى محدد.
(2) مجموعة من النزاعات الواعية واللاواعية (المنعكسة على شكل دفاعات) وتصورات وتضليل أو خداع الذات.
(3) مجموعة من التفاعلات الداخلية مع الآخرين التي يتم إعادة تمثيلها دون وعي، مما يخلق انطباعات محددة عند الآخرين.
(4) خصائصنا الجسدية.
(5) دماغنا كنتيجة لتفاعل الجينات والقوى البيئية ونشوء الشبكات العصبية من خلال التجارب التراكمية.
(6) انتماءاتنا الثقافية، الدينية والاجتماعية.
(7) أسلوبنا المعرفي وقدراتنا.
ما هي الآثار العلاجية لوجهة النظر هذه؟ نحن لا نعالج الاضطرابات بشكل منفصل. في الواقع، نحن نتعامل مع "الشخص" المصاب بالاضطراب. وبالمثل، للوصول إلى "الاضطراب"، نحتاج أولاً إلى تكوين علاقة مع الشخص حتى يشعر المريض بالراحة وأنه مفهوم في المناقشة حول الأعراض والكرب الناجم عن الاضطراب.
يجب أيضًا أخذ "الشخص" الخاصة بالطبيب بعين الاعتبار - على وجه التحديد، إن "شخص" الطبيب يتفاعل مع "شخص" المريض. ومن الآثار الأخرى أن العلاج ليس مجرد سلسلة من "الإجراءات". تبدو العلاقة العلاجية أكثر أهمية بكثير من تقنية معينة في التنبؤ بالمخرجات.
هناك العديد من العقبات التي تحول دون التعرف على "الشخص" في ممارسة الطب النفسي. وهناك سبب واضح لتجاهل هذا البناء وإهماله في الطب النفسي المعاصر. يميل الأطباء والمرضى على حد سواء إلى كراهية التعقيد. نحن نفضل التفكير القصير والبسيط كلما أمكن ذلك. التعرف على "الشخص" يستغرق بعض الوقت، والوقت هو المال في سوق الرعاية الصحية الحالية. علاوة على ذلك، قد يكون التعرف على الشخص مزعجًا لدى الطبيب - وقد يقودنا إلى زوايا مظلمة من النفس التي لسنا مستعدين لمواجهتها ومعالجتها. ومع ذلك، ينجذب الكثير منا إلى الطب النفسي لأنه تخصص يكون فيه معرفة المريض ذو قيمة عالية وعزيزة. دعونا لا ننسى هذا المبدأ الملهم في عصر التفكير القصير والمختصر و"الحلول السريعة".
من الممكن أن يكون تحديد ما نعنيه بكلمة "الشخص" تحديًا صعبًا للغاية. قد تكون نقطة البداية هي الذات، ولكن للأسف، فإن تعريف الذات ليس أسهل من تعريف الشخص، ومعظمهم يوافقون على أن الذات ليست سوى جانب من جوانب الشخص.
في البداية، الذات هي موضوع وأداة في ذات الوقت. حين أقول "أفكر في نفسي" (I think of myself) فإنني ألتقط هذه الوظيفة المزدوجة - يشير النصف الأول من الجملة إلى الظاهرة "I" أو "أنا" الفلسفية، بينما يشير النصف الأخير من الجملة إلى الذات (Self) على أنها تمثيلية أو تصوّر. يتم تعريف الذات أيضًا على أنها مجموع الذكريات الشخصية والشخصيات الاجتماعية المرتبطة بها، ولكننا جميعًا على دراية تامة بانتقائية الذاكرة.
للتوضيح بشكل أكبر، جزء من الذات واعي والجزء الآخر من الذات فاقدٌ للوعي. ونحن جميعنا خبراء في تضليل وخداع أنفسنا، ونحاول تجنب الإدراك الواعي الكامل لجميع جوانب أنفسنا. باختصار، نختبئ من أنفسنا.
من الخصائص الأخرى للذات هي أن لها جوانب متعددة تظهر بناءً على من نظهر أمامهم، الحالة المزاجية، تجارب المرء في الساعات القليلة الماضية، وتوقع المرء لما هو على وشك القيام به. نرى بشكل مستمر في سياق العلاج النفسي أنه عندما يتعلم المرء الجوانب المتعددة للذات، فإنه يبدأ بالفعل في تجربة نفسه كفرد أكثر تماسكًا.
تطوير وتنمية الذات، بالطبع، غارق في الثقافة. وبالتالي، فإن أي ذكر لتعريف الذات يجب أن يشمل تأثير الثقافة التي تشكل الذات.
في بعض الثقافات الآسيوية، على سبيل المثال، يتم إنشاء الذات المترابطة من خلال التربية التي تركز على السياق الاجتماعي. ومن ثم، فإن الشخص لا يتمحور حول تجربة الذات بالطريقة التي تركز عليها العديد من الثقافات الغربية.
النفس أو الذات ليست مثل الشخص، وذلك لأنها تترك الطريقة التي يرانا بها الآخرون. نحن نعيش في جدلية بين الذات كما يختبرها الشخص مقابل الذات التي يلاحظها الآخرون. كلًا من وجهات النظر لديها بعض الصدق. عندما نرى أنفسنا على شريط فيديو، فإننا نفر بشكل عام بسبب ما نراه ونسمعه. قد نعتقد أننا لا نبدو كما نرى في الفيديو وأن صوتنا لا يبدو بالطريقة التي يبدو عليها عادةً. يختلف الآخرون بينما نشمئز في رعب.
الاستنتاج الحتمي من هذه التجارب هو أننا لا نرى أنفسنا كما يرانا الآخرين مهما حاولنا جاهدين. ومع ذلك، لا يستطيع الآخرون دائمًا رؤية ما نشعر به في الداخل لأن لديهم منظورًا خارجيًا. لذا فإن معرفة من هو الشخص يتطلب دمج المنظور الداخلي للمريض والمنظور الخارجي للطبيب. يتأرجح العلاج النفسي الجيد بين التناغم العاطفي مع ما يوجد في العالم الداخلي للمريض ورؤية أكثر موضوعية لكيفية تعامل المريض مع الآخرين.
في هذه النظرة العامة الموجزة عن هذا المفهوم، يمكننا أن نستنتج أن هناك عوامل محددة لـ"الشخص":
(1) التجربة الذاتية لنفس الشخص بناءً على السرد التاريخي الفريد الذي يتم تصفيته من خلال عدسة معنى محدد.
(2) مجموعة من النزاعات الواعية واللاواعية (المنعكسة على شكل دفاعات) وتصورات وتضليل أو خداع الذات.
(3) مجموعة من التفاعلات الداخلية مع الآخرين التي يتم إعادة تمثيلها دون وعي، مما يخلق انطباعات محددة عند الآخرين.
(4) خصائصنا الجسدية.
(5) دماغنا كنتيجة لتفاعل الجينات والقوى البيئية ونشوء الشبكات العصبية من خلال التجارب التراكمية.
(6) انتماءاتنا الثقافية، الدينية والاجتماعية.
(7) أسلوبنا المعرفي وقدراتنا.
ما هي الآثار العلاجية لوجهة النظر هذه؟ نحن لا نعالج الاضطرابات بشكل منفصل. في الواقع، نحن نتعامل مع "الشخص" المصاب بالاضطراب. وبالمثل، للوصول إلى "الاضطراب"، نحتاج أولاً إلى تكوين علاقة مع الشخص حتى يشعر المريض بالراحة وأنه مفهوم في المناقشة حول الأعراض والكرب الناجم عن الاضطراب.
يجب أيضًا أخذ "الشخص" الخاصة بالطبيب بعين الاعتبار - على وجه التحديد، إن "شخص" الطبيب يتفاعل مع "شخص" المريض. ومن الآثار الأخرى أن العلاج ليس مجرد سلسلة من "الإجراءات". تبدو العلاقة العلاجية أكثر أهمية بكثير من تقنية معينة في التنبؤ بالمخرجات.
هناك العديد من العقبات التي تحول دون التعرف على "الشخص" في ممارسة الطب النفسي. وهناك سبب واضح لتجاهل هذا البناء وإهماله في الطب النفسي المعاصر. يميل الأطباء والمرضى على حد سواء إلى كراهية التعقيد. نحن نفضل التفكير القصير والبسيط كلما أمكن ذلك. التعرف على "الشخص" يستغرق بعض الوقت، والوقت هو المال في سوق الرعاية الصحية الحالية. علاوة على ذلك، قد يكون التعرف على الشخص مزعجًا لدى الطبيب - وقد يقودنا إلى زوايا مظلمة من النفس التي لسنا مستعدين لمواجهتها ومعالجتها. ومع ذلك، ينجذب الكثير منا إلى الطب النفسي لأنه تخصص يكون فيه معرفة المريض ذو قيمة عالية وعزيزة. دعونا لا ننسى هذا المبدأ الملهم في عصر التفكير القصير والمختصر و"الحلول السريعة".
تعليقات
إرسال تعليق